العصابة  التهامية  نوع من أنواع الزينة توارثها أبناء المنطقةا بعد جيل،                                                                                    12077



جيل وحافظوا عليها
من الاندثار في غمرة الحضارة التي اجتاحت المنطقة وسيطرت على مظاهر الحياة
فيها، تتعدد مسميات عصابة الرأس باختلاف المناطق في عسير، ففي المناطق
الجبلية المرتفعة تسمى «الغراس» أو «اللوية»، وفي تهامة يتعارف عليها باسم
«المخضارة» أو «الخظور»، وتصنعها النساء لرجالهن على شكل طوق مزين
بالنباتات العطرية، كالكادي والبرك والريحان والورد والبعيثران والوزاب
والسكب وغيرها.
ويضع الرجل الجنوبي الغراس على رأسه لتزين شعره وتضفي عليه رائحة عطرية،
ويحرص على ذلك عند حضور المناسبات الاجتماعية والذهاب إلى الصلاة وخاصة
الجمعة، ويحرص العسيريون على ارتداء الغراس كإشارة إلى محافظته على هذه
العادة الأصيلة، وتعبيرا عن عشقه لزهور ورياحين المنطقة، والتي يعتبرها من
أشجار الجنة نسبة إلى ما جاء في الأثر بأن «الريحان عطر أهل الجنة».
ويرون أن ربط الرأس بالغراس تقليد ضارب في القدم لدى أبناء المنطقة الذين
ولدوا وتربوا منذ طفولتهم عليها كعادة رجالية، كما أن اللوية أو العصابة
اشتقت تسميتها من طريقة وضعها على الرأس، فهناك من يعصبها على رأسه فتسمى
عصابة، وهناك من يلويها فقط على الرأس وتسمى في هذه الحالة لوية، وكانت
النساء قديما تقوم بحياكتها بطريقة فنية ومتناسقة في منازلهن، لدرجة أنهن
يتنافسن فيما بينهن حول العصابة الأكثر جمالا والأزكى رائحة، أما الآن
فيمكن شراؤها من كبيرات السن المتواجدات في أسواق المنطقة الشعبية،
والعصابة لا تدوم طويلا بحكم أنها نباتات تتعرض للجفاف ومع ذلك تحتفظ
بعبقها ورائحتها الزكية حتى بعد ذبولها، ويمكن الاستفادة منها في هذه
الحالة بطحنها وتعليقها لاحتفاظها بالرائحة لمدة طويلة، وهي تحتاج إلى
عناية خاصة خلال لبسها ونزعها كي لا تسقط منها النباتات.
يقول العم سعيد مفرح العسيري: إن الريحان من تراثنا وتاريخ للآباء
والأجداد، حيث عرفنا الريحان من نعومة أظفارنا وكان مزروعا في كل شرفة من
أشرف المنزل، وأمام المساجد، وروائحه تنبعث من كل صوب في القرية، وقل ما
تجد منزلا لا يكون أمامه الريحان، وبداخله شتلات يتم سقيها والعناية بها
كونها إحدى ضروريات الحياة واللبس مثلها مثل العطور اليوم.
ويشاطره الرأي عبدالله محمد العمري بقوله «اليوم كاد أن يندثر هذا التراث
في الأجيال المعاصرة، وطغت العطور المصنعة على هذا العطر الطبيعي النقي،
وأصبح فقط كبار السن هم من يحرصون على حمل هذه النبتة العطرية ذات الرائحة
الجميلة، التي تذكرنا برائحة الآباء والأجداد الذين كانوا هم الريحان
و
الريحان هم».